نيسان (ابريل) 2019

  • 1 - 30 أبريل 2019

التكامل الاقتصادي العربي.. متى يتحقق الحلم؟!

 

اتفق الأردن والعراق ومصر، على العمل لتعزيز التكامل والتعاون الاقتصادي والتجاري والطاقة، ضمن خطة زمنية.
جاء ذلك، خلال اجتماع ثلاثي لوزراء صناعة الدول الثلاث بالعاصمة عمان، ضم الأردني طارق الحموري، والعراقي صالح الجبوري، والمصري عمرو نصار.

واتفق الوزراء الثلاثة، على تعزيز وتطوير المناطق الصناعية المشتركة من خلال التعاون في مجال تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ودعم الابتكار وريادة الأعمال.

وشمل الاتفاق أيضا، توسيع الشراكات الاستراتيجية المتعددة، بما يتيح فرصاً جديدة للاستثمار والازدهار الاقتصادي، وتشكيل لجنة فنية تضم في عضويتها الجهات المعنية بالتجارة والنقل والصناعة والاستثمار والطاقة والقطاع الخاص في الدول الثلاث.

يقودنا هذا الخبر إلى الحديث مجددا عن فكرة التكامل الاقتصادي العربي في زمن التحولات الاستراتيجية والتكتلات الاقتصادية العالمية، حيث شهدت الاقتصادات العربية محاولات عديدة بحثاً عن تحقيق درجات متقدّمة من التكامل الاقتصادي في ما بينها، لكن بقيت الإشكالية قائمة نظراً لخصوصيات عديدة. ما هو المسار التاريخي لتقدّم البحث حول التكامل الاقتصادي العربي وأبرز مراحله؟ ما هي أهم التحدّيات التي يواجهها؟ وأيّ أفق منتظرة؟

شكّل إنشاء منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى أبرز ما تمّ التوصل اليه كركيزة عمل نحو التكامل الاقتصادي العربي، بموجب البرنامج التنفيذي لاتفاقية تيسير وتنمية النشاط التجاري بين الدول العربية، الذي أقرّه المجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته العادية التاسعة والخمسين، التي عُقدت في القاهرة بتاريخ 16 شباط 1997. ولا شكّ أنّ منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى، بما تتيحه من تحرير للأسواق العربية بين بعضها البعض، أمّنت فرصاً عديدة لمؤسّسات القطاع الخاص للتخصّص في الإنتاج والاستفادة من اقتصاديات الحجم. فيما التحدّي الأساسي بقي متمحوراً حول مدى القدرة على زيادة التجارة العربية البينية من جهة، وإقامة مشاريع استثمارية عربية مشتركة في مختلف القطاعات الاقتصادية الإنتاجية من جهة أخرى.

وإذا أتى إنجاز منطقة التجارة الحرّة العربية الكبرى ضمن المسار التاريخي الضروري للتكتّلات الاقتصادية، تسلّطت الأنظار أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم صوب خطوات التكامل الاقتصادي التالية المنتظرة في مجال التوصّل إلى الاتحاد الجمركي وتحقيق السوق العربية المشتركة، فالاتّحاد الاقتصادي والنقدي، من خلال توحيد العملة بين جميع البلدان الأعضاء في الاتحاد.

من هنا، بقي الاهتمام موجّهاً نحو ضرورة الاستعداد للإنتقال إلى الاتحاد الجمركي، الذي يشكّل خطوة أساسية على طريق تحقيق الإندماج الإقتصادي بين البلدان العربية، نظراً للتأثيرات الهامة التي يُحدثها توحيد التعريفات في سبيل تسهيل حرّية تبادل السلع والخدمات بين الدول الأعضاء وتشجيع انسياب تدفّق الاستثمارات وإقامة المشاريع المشتركة في مختلف المجالات.

وإذ تبيّن أنّ الأنظمة الاقتصادية والسياسية قد تختلف بين بلد عربي وآخر، يبقى الهدف الرئيس من مسعى إقامة السوق العربية المشتركة وتحقيق التكامل الإقتصادي كامناً في حسن التوفيق في ما بينها، توصّلاً إلى تأمين التكامل في المصالح والقدرات الإنتاجية والقوّة التنافسية لهذا التكتّل في مختلف المجالات الاقتصادية، بالاستناد إلى الميزات التفاضلية للبلدان الأعضاء في كلّ منها.

ويبقى القول، إنّ التكامل الإقتصادي العربي لا يمكن أن يتمّ إلاّ وفق مراحل ومداخل تراعي خصوصيات جميع البلدان العربية بمختلف أنظمتها وأطر عملها.

وقد يكون من أكثر هذه المداخل المُطالب بها حالياً إقامة اتحاد جمركي، توظيف القدرات الإنتاجية بما يرفع مستوى النمو الإقتصادي في مختلف البلدان الأعضاء، إقامة مشاريع إنتاجية مشتركة، تحسين البنى التحتية وتحسين شبكات النقل والاتصالات وخصوصاً تنسيق سياسات الإنتاج بين الدول المشتركة في مشروع التكامل الإقتصادي، بحيث يتمّ ضبط الإنتاج المتشابه والمتنافس بين البلدان العربية، وتعزيز الاستثمار في مجالات إنتاجية متكاملة، تسمح بتحفيز النمو في جميع البلدان واستفادة كلّ بلد من الميزات التفاضلية للبلدان الأخرى. وبذلك تتأمّن حماية مختلف القطاعات الاقتصادية في جميع البلدان ويُحافَظ على استمرارية عملها، لا بل يُحفَّز نشاطها وتكتسب دفعاً أكبر للانخراط في موجة العولمة وانفتاح الأسواق وتعزيز موقع البلدان العربية في الاقتصاد العالمي.

إحصل على اشتراك سنوي في النشرة الاقتصادية العربية الفصلية

اشترك الآن