أيلول (سبتمبر) 2019

  • 1 - 30 سبتمبر 2019

آليات تعزيز تنافسية الاقتصادات العربية في ظل التحديات الراهنة

 

على الرغم من أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة حلّت في المركز الأول عربياً و25 عالمياً، في تقرير التنافسية العالمية 2019 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)، إلا أنّ دولا عربية أخرى جاءت في ذيل الترتيب العالمي.

في حين جاءت سنغافورة في المركز الأول عالمياً في تقرير هذا العام بعد تقدمها بمرتبة واحدة عن تصنيف العام الماضي لتزيح الولايات المتحدة الأمريكية التي جاءت في المركز الثاني عالمياً وهونغ كونغ في المركز الثالث وهولندا في المركز الرابع وسويسرا في المركز الخامس. كما جاءت اليابان في المركز السادس، تليها ألمانيا في المركز السابع ثم السويد والمملكة المتحدة والدنمارك في المركز الثامن والتاسع والعاشر عالمياً.

هذا المشهد يقودنا إلى القول بأنّ التحديات السياسية والاقتصادية الراهنة، تحتّم على الدول العربية مراجعة سياساتها الاقتصادية والتنموية، والتنسيق بينها على مستوى المنطقة ككل على نحو يعزز من القدرة التنافسية للاقتصادات العربية بما يكفل للمنطقة العربية دورا فاعلا في الاقتصاد العالمي. وفي هذا السياق فإنّ على العديد من الدول العربية إلى الاستفادة من التجربة الناجحة لدولة الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بتنويع أنشطة الأعمال وتوفير بيئة أعمال مستقرة وتنافسية خاصة على مستوى الأطر المؤسساتية والبنية التحتية واستقرار الاقتصاد الكلي والتطبيقات التقنية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلا عن تحسين نوعية البنية التحتية على نحو أدى إلى استقطاب قنوات استثمارية جديدة.

في المحصّلة يتطلب تعزيز القدرات التنافسية للدول العربية تفعيل دور الموارد البشرية وتعبئتها وتنميتها مستفيدة في هذا الصدد من التجارب التنموية الناجحة في دول آسيا التي استطاعت تحسين تنافسية اقتصاداتها من خلال منح الأولوية القصوى لإنتاج الموارد البشرية ذات الجودة العالية، خصوصا في مجال العلوم والتكنولوجيا. وتقدم تجربة كوريا الجنوبية خلال العقود الخمس الأخيرة تجربة جديرة بالدراسة والتحليل في مجال التنسيق بين سياسات التعليم والبحث والتطوير، وبين السياسات الاقتصادية ليرتفع العائد المادي والمعنوي للاستثمار من خلال الوظائف الجيدة التي يولدها الاقتصاد مما حفز الأفراد على اكتساب مستويات أعلى من التعليم والمهارات لتلبية حاجة الصناعة وتحسين مستوى وجودة المنتجات ودعم قدرتها على مواجهة المنافسة العالمية المتزايدة.

وفي المقابل، يتزايد إنفاق الدول العربية لرفع المؤشرات الكمية للتعليم على حساب الجانب النوعي ممثلا في جودة الخدمة التعليمية المقدمة واكتساب المهارات اللازمة لتحسين التنافسية والتي تستلزم الاهتمام بالبحث والتطوير لتحسين تنافسية المنتج العربي في الأسواق العالمية. وفي هذا المجال، ينبغي على الدول العربية علاج المشكلات الناجمة عن تواضع الموارد المخصصة للبحث العلمي والتطوير كمتطلب أساسي لتغيير الهيكل التقني لصادرات الدول العربية بما يحقق تنافسية عربية مستدامة في الأسواق الدولية في ظل تحديات عولمة الأسواق والاقتصاد المعرفي الذي يلعب الابتكار فيه دورا حاسما في تنافسية الاقتصادات على المستوى الدولي لما يتضمنه من تخفيض في التكاليف ورفع للإنتاجية وخلق لطلب جديد وفتح لأسواق جديدة أمام السلع والخدمات.

انطلاقا مما تقدّم ينبغي على الدول العربية وضع الخطط والسياسات التي تساعد على الابتكار وتوطين التكنولوجي، وذلك بالتركيز على تطوير البحث العلمي لما له من أهمية في تحسين القدرة التنافسية سواء من خلال رفع الإنتاجية، أو من خلال تحسين جودة المنتجات وتطويرها لتحسين تنافسية المنتج العربي في الأسواق العالمية. وكذلك توفير بيئة أعمال مستقرة وتنافسية خاصة على مستوى الأطر المؤسساتية والبنية التحتية واستقرار الاقتصاد الكلي والتطبيقات التقنية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

أضف إلى كل ذلك، لا بدّ على الدول العربية تطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحسين القدرة التنافسية واستغلال قدرة ذلك القطاع على توليد قيمة مضافة كبيرة وتحسين الكفاءة الإنتاجية. كما العمل على تحقيق المزيد من الاستقرار السياسي والاجتماعي، والإصلاح الاقتصادي بما يتضمنه من تنويع الهيكل الإنتاجي وتطوير الإنتاجية.