تشرين الثاني (نوفمبر) وكانون الاول (ديسمبر) 2021

  • 1 نوفمبر - 31 ديسمبر 2021

التحول الرقمي.. ماذا حقق العالم العربي في هذا المجال؟

 

مرّ عام 2021 مثل سابقه عام 2020، حيث ما تزال جائحة كورونا تفرض هيمنتها على اقتصادات العالم بأسره، ويبدو أنّ بداية عام 2022 ستكون تحت تأثير متحوّر "أوميكرون" الذي تعيش اقتصادات العالم بسببه اضطرابات اقتصادية تتراوح درجاتها بين بلد وآخر.

ولا شكّ أنّ جائحة كورونا غيّرت وجه الاقتصاد العالمي، لناحية الاعتماد على التكنولوجيا والإنترنت مع زيادة التحوّل إلى الخدمات الرقمية. ويُتوقع أن تركّز الشركات والدول على تطوير التكنولوجيا والتوجّه نحو قطاعات جديدة، قد تكون قاطرة النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة. ومنها التجارة على أنواعها، وكل ما يتعلّق بالقطاع الصحي، والتعلّم عن بُعد، والمؤتمرات العلمية، والإعلام، والمعارض.. إلخ.

وبحسب تقديرات مؤسسة "أكسنشيور" للاستشارات، يشكل الاقتصاد الرقمي حاليًا نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي (22 في المئة)، بينما يُسهم قطاع المعلومات والاتصالات بنسبة 8 في المئة في الاقتصاد الأوروبي. في المقابل ثمّة مخاطر تواجه العالم الرقمي، كأمن الشبكات والقرصنة، التي زادت نسبتها مؤخرًا، ويمكن في هذا الإطار وضع ما شهدته أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي (فيسبوك) من قرصنة كبّدتها ما لا يقل عن 10 مليارات دولارات بغضون أقل من 24 ساعة، كمثال واضح وصريح على مخاطر القرصنة على الاقتصاد الرقمي.

ويشهد العالم اتجاهًا مستدامًا للتحوّل إلى الاقتصاد الرقمي، وهذا يتطلب تجهيز البنى التحتية الضرورية، لتقديم أداء أفضل وأسرع في عالم الأعمال، لذلك سنرى تطورًا في قطاعات علوم البيانات، بالإضافة إلى المزيد من الاستثمارات، وهذا ما سوف يخلق تحديات من قرصنة وتهديدات للأمن السيبراني وقضايا خرق الخصوصية التي يمكن أن تعرّض بياناتنا وأنظمتنا للخطر وتحظرها. وفي ظل الأضرار والتكاليف الناتجة عن الانقطاعات المتكررة للإنترنت، وكذلك الاضطرابات في العمل، تظهر الحاجة إلى التخفيف من الانتهاكات الحاصلة ومعالجة الأضرار، ما يستدعي سنّ قوانين جديدة، تتطوّر بوتيرة التطور التكنولوجي نفسها.

إذن ملامح الاقتصاد العالمي، تُظهر أنّ العمل سيتم بمجمله عبر المنصّات الإلكترونية، إذ اكتشف الجميع أهميتها لناحية توفير الكلفة والوقت. علما أنّ خدمة الإنترنت في الدول المتطورة لم تعد من الكماليات، إذ إنّها متوافرة في كل المنازل، في حين أنّه ما زال من الكماليات Luxury في الدول النامية، وكلفته ما زالت مرتفعة جدًا، ويحتاج الحصول عليه إلى الوقت والوساطة. كما أنّ العوائق التكنولوجية، تهرّب الزبائن والمستخدمين.

من حيث المبدأ لا أحد يستطيع إيقاف التقنية، لأنها سوف تبتلع كل من يقاومها، وهي مع تطورها تلقائيا تعالج مخاطرها وتقدم الحلول وآفاق التطور. فمثلا العملات المشفرة التي هي محل رفض أو تحفظ أغلب البنوك المركزية في العالم قدمت للبنوك المركزية فكرة العملات الرقمية CBDC غير العملات المشفرة لكنها رقمية والتي تضيف للنظام الاقتصادي الشفافية والكفاءة في تطبيق السياسات المالية والنقدية.

وسط هذه الفورة في عالم التقنية المالية (Fintich) يُقّدر بنك UbS أن تضيف هذه التقنية للاقتصاد العالمي حوالي ترليون دولار خلال العقد القادم، وأن يتضاعف مجموع مبيعات شركات التقنية المالية من 250 مليار دولار إلى 750 مليارا في عام 2030. أما عالم العملات المشفرة اللامركزية DeFi فإنه يخلق بيئة استثمارية عبر صناعات رقمية حديثة كل يوم تزداد عمقا مثل الأعمال الفنية الرقمية (افتراضية) NTF ART التي تعتبر أكثر شمولية وإضافة من العالم الفني الواقعي ذي النزعة النخبوية وأكثر حفظاً لحقوق الفنان. وظهور أيضا تجارة الأزياء الرقمية التي يتم تداولها من خلال العملات المشفرة من الممكن ألا تكون استثناءً لفورة التقنية المالية. عموماً أصبحت هذه الصناعات الرقمية أصولاً من الممكن أن ترتبط بها بيوت الوساطة التقليدية عبر إصدار عملات رقمية بالتقنية المشفرة وغالباً ما ستكون ثابتة السعر (stabilecoin).

باختصار فإننا في منطقتنا العربية لا بد أن نفتح الآفاق لهذه التقنية التي يختزلها الجميع في (البتكوين) والتي لن تكون عملة؛ لكن هذا لا يلغي الاهتمام بالتقنية المشفرة خصوصا في ظل وجود اهتمام كبير بالتقنية المالية.

إحصل على اشتراك سنوي في النشرة الاقتصادية العربية الفصلية

اشترك الآن